قطة في وادي الذئاب
أن النساء يخرجن فى هذا المكان بكل سهولة على خلاف الباب المغلق عليها بإحكام فى منزلها الصعيدى شعرت بأن بهجتها وصلت عنان السماء بعدما تيقنت من كونها ستعيش فى مكان كهذا بينما لحظ أشرف انغماسهما مع الأشكال و الألوان حولها فوجد أن من الأفضل عدم مقاطعتها و هى ترى هذه الأشياء كرؤية المعالم الأثرية لا كونها أشياء عادية توجد بكل مكان
ما ان وصلت السيارة أمام فيلا فهمى محمد حتى قال أشرف
_ خلاص وصلنا
التفتت نحوه دون كلام ثم فتحت باب السيارة و خرجت و كل ضلع بها يؤلمها بعد هذه الجلسة الاعتيادية التى استمرت لساعات متواصلة و لكنها سرعان ما نسيت آلامها و ماهيتها ما ان لحظت المكان حولها من جنائن خضراء و حمام سباحة كبير رأته فقط فى الأفلام إلى جانب المنزل الشاهق الاتساع الذى ما ان دلفته حتى ارتسمت معالم الانبهار بوجهها بينما يقول أشرف بحبور
_ جوى جوى
قالتها و هى تحدق بالمصابيح الصفراء المعلقة بسقف الصالون بينما يقول أشرف
_ أهو ده بقى هيبقى بيتك من هنا و رايح
أدارت بصرها نحوه ثم اردفت اخيرا بأولى كلماتها قائلة بود
_ جصدك بيتنا
بادلها الابتسامة بحب و هو يمسك بيدها قائلا
_ يالا على أوضة النوم تلاقيكى تعبانة
امتثلت لأمره و اتجها معا نحو غرفة النوم الخاصة بأشرف ما ان دلفت حتى صعقټ من صدمة المفاجأة حيث لم تر يوما جناحا كهذا أبدا! بتصميمه الراقى و الأثاث المتميز المنتقى بعناية مع وجود تلفاز كبير و فراش يتسع لخمسة أشخاص كل هذا جعلها تشعر حقا بأنها فى جنة على الأرض حيث لم تر يوما مثل هذا أخرجها أشرف عن شرودها قائلا ببعض التوتر
_ طب استريح شوية!
_ معلش بقى الشغل مايستناش يالا باى
قالها و هو يتجه نحو الباب حيث يخرج مغلقا إياه خلفه تاركا إياها و هى تنظر إلى ما حولها بإعجاب حتى استغرقت نصف ساعة لتزيح بصرها عن الأثاث حولها و هى تتجه نحو حقيبتها مخرجة ملابس منها ثم تتجه نحو المرحاض الملحق بالغرفة و الذى جعلها تتوقف أيضا لتحاول فهم ما ترى حولها من جديد و كأنها التحقت بكوكب غير الكوكب الذى عاشت فيه!
_ بتقول عملت ايه
قالتها بعصبية و الانفعال بات باديا على قسماتها بينما اكمل أشرف بوجوم
تحدثت بعتاب و العبوس قد اكتسى وجهها
_ انت عمرك ما قربت لواحدة من ساعة ما ارتبطنا و دلوقتى جاى تلمس دى!
قالتها باستنكار يعلوه التقزز و هى تشير بسبابتها نحو الفراغ بكبرياء ليقف أشرف عن مجلسه ثم يقول پغضب
_ اعمل اى يعنى ابعدين دى اللى بتتكلمى عنها تبقى مراتى يعنى بلاش تزوديها يا هيدى و إلا مش هحكيلك اى حاجة بعد كدة
شعرت بأن الخطړ بات منها قريبا لتزفر زفرة طويلة خاڤتة ثم تقترب منه و تحاوط عنقه بكلتا يديها ثم ټخطف قبلة سريعة من فمه قائلة بهمس
تحدث أشرف بقتامة
_ للصبر حدود يا هيدى
عادت تلاصق جبهته بجبهتها قائلة بحب
_ خلاص يا قلبى ما تزعلش منى
_ خلاص
ثم أبعد يديها عنه و اتجه إلى السرير حيث يتسطح عليه و هو يقول
_ انا هنام شوية لأن المشوار تاعبنى صحينى كمان ساعتين
ودت و بشدة لو تجد شيئا بيدها حتى تقذفه به حيث تقول فى نفسها بحنق
_ يعنى انت جاى هنا تنام صبرنى يارب
الفصل الخامس
ماذا يقول و هو حائر بين إغراء المصلحة و بين ضعفه أمام ما تملك من صفاء!
داعبت أشعة الشمس رموشها السوداء الطويلة لتضع ظاهر يدها على عينيها حاجبة ضوءها المزعج و لكن أبت الشمس الابتعاد و كأنها تستحثها على النهوض بنشاط و ترك الكسل لأهل الكسل نهضت ببطء و هى تضع يدها على فمها المتثائب ثم فركت عينيها و بدأت تزيح خصيلات شعرها المنسابة على وجهها إلى الخلف ثم وقفت عن السرير و هى تتمطأ كى تترك الفرصة لعضلاتها المنقبضة فى الارتخاء التفتت الى الهاتف الموضوع على الكومود بحانب السرير _و الذى اشتراه أخوها قبل الزفاف بيومين كى تكلمهم بين فترة و أخرى_ اقتربت منه و ضغطت على أحد أزراره لتضئ شاشته فتتسع حدقتاها دهشة بعدما طالعت الساعة عليه لتقول بتعجب
_ يابووووى! انا نمت كل ده!
ثم اتجهت الى مكان حقائبها اللواتى أتت بهن إلى القاهرة ففوجئت بكون الحقائب فارغة! لتفرك رأسها قائلة بتعجب
_ هى الهدوم فين انى حطيتهم اهنه بس الشنط فاضية!
بينما تحاول التذكر بكونها نقلت مكانهم الى آخر قاطعتها طرقات الباب الهادئة لتذهب نحو الباب ثم تفتحه و تطالع وجه الطارق فإذ به فتاة عشرينية ترتدى ملابس رسمية خاصة بالخدم بينما تقول و بصرها مثبت على الأرض بجدية
_ صباح الخير يا مدام زينة انا نقلت هدوم حضرتك و حطيتها فى الدرفة اليمين من الدولاب و الفطار جاهز فى الوقت اللى تحبيه تحبى احضر لك الحمام الأول
_ اى ده هو أشرف عنده خدم كمان!
قالتها فى نفسها باستغراب و هى تحاول ان تستوعب كم المعلومات التى تحدثت عنها هذه الفتاة للتو! أغمضت عينيها ثم تحدثت بارتباك
_ اه جصدى لا انى هحضر حمامى و الفطار يستنى لحد ما أشرف ياجى
حمحمت الفتاة ثم قالت بتهذيب
_ أستاذ أشرف ممكن مايجيش دلوقتى
قطبت زينة حاجبيها ثم قالت بتعجب
_ كيف ده
مطت شفتيها بسخرية و قد تأكدت شكوكها بكون هذه الصغيرة لا تعلم بخطط أشرف و ذهابه و إيابه لتردف بثبات لا يخلو من ذبذبات التردد
_ هو هو علطول بي بيشتغل عشان كدة ممكن يقعد يومين و تلاتة فى الشركة
اماءت زينة برأسها بعدم اقتناع لتردف بهدوء
_ طب بصى حضرى الفطار بعد مانزل و انى هخلص حمامى و جاية علطول
اماءت الأخرى بدورها ثم انصاعت لامرها و اتجهت الى الدرج بينما اتجهت زينة إلى حيث يوجد الدولاب بآخر الغرفة ثم تحاول جذب باب الضلفة اليمنى نحوها و لكن لا تنفتح! رفعت أحد حاجبيها بعدم فهم ثم حاولت مجددا و لكن لم تجد نتيجة و بينما تعيد الكرة الثالثة وجدت الباب ينجذب إلى اليسار لا الأمام لتكمل دفعه ناحية اليسار و قد فهمت ماهية عمله قائلة فى نفسها بإعجاب
_ حلو جوى شغل ولد الأكابر ده!
ثم تحدثت و هى ترمق مساحة الضلفة و اتساعها الشاهق بذهول قائلة بثقة
_ فعلا ولد أكابر!
ثم أخرجت بيجامة حريرية منه و أخذتها متجهة نحو المرحاض الملحق بالغرفة و الذى لا أحتاج إلى وصف تعبيرات الدهشة التى باتت جلية على وجه زينة بعد ما رأت فيه و كأنها بفيلم سينمائي لا واقع تلمسه!
بعد مرور ساعة كانت زينة تجلس عند السفرة و هى تتناول طعام الإفطار الذى كانت يتمثل فى أصناف من الجبن و