الإثنين 18 نوفمبر 2024

قطة في وادي الذئاب

انت في الصفحة 1 من 42 صفحات

موقع أيام نيوز

الفصل الاول
حياتى من بعدك خواء حياتى من بعدك كالسمك بلا ماء حياتى من بعدك لم تعرف سوى العڈاب ذهبت و ذهب معك كل جميل ذهبت و تركتنى اڠرق ببحر الرثاء
_ واه يا زينة! بتبكى ليه دلوك
قالها و هو ينحنى حتى صار مقابلا لها بسبب قصر قامتها بينما لم تجبه هى و إنما أخذت شهقاتها فى الازدياد و العبرات المنهمرة مغرقة صفحة وجهها الحنطية بشرته مسد على وجنتها و هو يمسح دموعها برقة قائلا بدفء
_ ماتبكيش يا زينة و الله استحمل اى حاجة إلا بكاكى
نطقت من بين بكائها بتذمر طفولى
_ يبجى ما تسافرش و تسيبنى يا فارس
رفرفت اهدابه للحظات و قد شعر بأن الدموع التى تذرفها هذه الطفلة بمثابة خناجر تمزق قلبه و تدميه دون رحمة و هى ابنة عمه الصغيرة التى كان متمسكا بها منذ يوم ولادتها حملها بين ذراعيه لتصبح ابنته بعد وفاق والدتها حتى اتفق الوالدان فيما بعد بتزويجهما و هو ما جعل سعادته تحلق فى الأفق بعد سماع هذا الخبر فسيكون لها دوما خير عون و منبع الحماية و الأمان و هى كذلك الأمر تشبثت به كطوق النجاة رأت العالم من فوق كتفيه فقط اتخذته كدعامة تواجه بها من حولها ببسالة اكتسبتها منه على الرغم من عمرها الذى لم يتجاوز الثامنة!!

مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
و لكنه للمرة الأولى يشعر بعرقلة أمام إسكات بكائها كما فى السابق فتحدث بابتسامة مصطنعة تخفى ألمه لفراق طفلته
_ لا ما هاسيبكش واصل يا زينة انى بس هسافر عشان اتعلم و راجعلك و مش هسيبك تانى واصل
_ و تسافر ليه بجى! ما تخليك اهنه
داعب جديلتها السمراء المنسدلة على كتفها بانسيابية و هو يقول شارحا بشكل مبسط نسبة إلى عقلها
_ عشان طلعت شاطر راحت البلد اللى جنب مصر بعتت لى و جالت انى لازم أذاكر عنديهم أنجح هناك و أرجع لك علطول و بعدين لو ذاكرتى انتى كمان هاخدك و تكملى هناك
عادت تسأله بقلق
_ و يا ترى هتنسانى و انت هناك
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
هز رأسه نافيا و هو يقول بتأكيد
_ لا يا بت انساكى ازاى هفضل دايما فاكرك و ما هنساكيش واصل و بعدين انى جايبلك مفاجأة
سرعان ما نسيت صوتها الباكى و هى تقول بلهفة
_ مفاجأة اى
أخرج من الحقيبة البلاستيكية بحوزته صورة فوتوغرافية عرضها بكلتا يديه أمامها ثم يقول و هو يستشف ردة فعلها بحبور
_ اى رأيك
اتسعت حدقتاها و تهللت أساريرها و هى تقول بسعادة
_ الله! دى الصورة اللى اتصورتها انا و انت فى العيد!
اماء برأسه قائلا بحب
_ إيوة النهاردة جبتها من المصوراتى
أمسكتها من بين يديه و قربتها إلى عينيها و هى تحدق بكل تفصيلة فيها و ابتسامة بريئة تزين ثغرها حتى أمسكها فارس من بين يديها ثم قسمها إلى شطرين مفرقا بين كليهما حتى صار بشطر منفصل عنها لتصرخ زينة قائلة بدهشة و صوت دامع
_ ليه عملت اكده!
ربت على ساعدها مفسرا
_ اهدى اهدى هفهمك ليه
ثم ناولها الشطر الذى يحمل صورته و احتفظ بالشطر الذى يحمل صورتها فى جيب قميصه و أكمل بجدية
_ عايزك كل يوم تبصى على صورتى و تحكيلى كل اللى مزعلك و انى كمان هعمل اكده فى الغربة لحد ما اجى بالسلامة و اتجوزك و الصج صورتنا تانى
بطبيعتها الطفولية عادت ابتسامتها إلى شدقها مجددا بعدما كانت توشك على البكاء يا لبراءة الأطفال و مشاعرهم الناعمة التى لم تعرف للمكر دربا أو تشوبها شائبة التظاهر و الاصطناع بل كما يقال ما فى القلب على اللسان
أزاحت بأنملها الصغير عبرة خرجت من عينها و هى متسطحة على بطنها ترمق شطر صورته پألم بعدما توالت إليها ذكرى اليوم الأخير للقائهما قبل الفراق و الذى اتضح فيما بعد انه فراق لمدى الحياة لتصيبها لوعة الاشتياق الكاوية و ټحرقها نيران الرثاء من الداخل بينما تكون الابنة المطيعة الصامدة من الخارج تحدثت من بين نحيبها الصامت قائلة بمرارة
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
_ اتوحشتك جوى جوى يا فارس
_ زينة زينة يا زينة
نادت بالأخيرة بصوت أعلى قليلا لتجفل زينة ثم تضع شطر الصورة تحت وسادتها و تنهض ملتفتة إلى زوجة أخيها قائلة بفزع
_ فى اى يا نجاة هتجيبيلى جلطة يا شيخة!
اقتربت نجاة و أخذت تزيح الستائر الى الجوانب و تفتح النوافذ كى تعطى بعض الهواء النقى تأشيرة الدخول و هى تقول باستنكار
_ انتى اللى فى اى! عمالة انادى عليكى من الصبح و انتى....
تلعثمت الكلمات بلسانها ما أن لحظت طرفا من ظهر الصورة الفوتوغرافية أسفل الوسادة ذات اللون الزهرى لتقترب و الشك وجد طريقه الى عقلها بينما يدب الخۏف بأوصال زينة التى قالت بقلق
_ اى فى اى
لم تجبها و إنما سحبت الصورة سريعا قبل ان تردعها يد زينة لتصك صدرها ما ان تتأكد بما يوجد بحوزة هذه الصورة و هى تقول پغضب مختلط بالتوجس
_ واه يا منيلة على عينك! لسة معاكى الصورة! مش جلتى هتخلصى منها!
امسكتها زينة من بين أنامل نجاة ثم وضعتها بمكانها أسفل وسادتها مجددا و هى تقول بقلة حيلة
_ مش جادرة يا نجاة صدجينى مش جادرة
أمسكت نجاة بساعدى زينة ثم جعلتها تجلس و جلست بجانبها ثم بدأت فى الحديث منتقية كلمات المعاتبة بعناية لئلا ټنهار زينة كما فى السابق فقالت بحكمة
_ يا حبيبتى افهمى المېت مالوش غير الدعا بالرحمة لكن اكده انتى بتعذبى نفسك و اخوكى ممكن يجطع خبرك لو لجى الصورة دى معاكى فكرى فينا مش ف نفسك يا زينة
عضت على شفتها السفلى بتعب مضنى لتقول بصوت دامع متحشرج
_ فارس ماټ جدامكوا كلكوا لكن لسة عايش جوايا ماجدرش انساه و ماجدرش ارمى صورته كمان حتى بعد ما شفتوا الچثة و جلتوا انه ماټ الا انه لسة عايش ف جلبى انا بشوف صورته و هو بيشوف صورتى
همت ان تثنيها و لكن سبقتها زينة عندما امسكت كفها بين كلتا راحتيها و سلطت عيناها بخاصتيها قائلة برجاء
_ ابوس يدك يا نجاة ماتجوليش لاخوى ان معايا صورة لفارس مش عايزة الحاجة الوحيدة اللى فضلت من ريحته تضيع منى
تنهدت نجاة لتجيبها بايماءة من رأسها و قد بدت على وجهها معالم الشفقة و الحسړة لأجل صغيرتها التى تذوقت العڈاب باكرا و قلبها أصبح عجوزا فى سن السادسة عشر!
حاولت نجاة تغيير مجرى الحديث قائلة بابتسامة اڠتصبتها
_ يالا بجى غيرى هدومك و انزلى افطرى عشان اخوكى هيجيب نتيجتك النهاردة و ان شاء الله ناجحة
بادلتها الابتسامة المجاملة متمتمة
_ ان شاء الله
بعد انقضاء ساعتين من الوقت كانت زينة تقف مع نجاة بالمطبخ تشاركان بطهو الطعام المسبك مع اللحم سكون تام يعم المكان لا يسمع منه سوى صوت غليان ما بالأوعية أخذت زينة تقطع البصل استعدادا لإلقائه فى الزيت و لكن يقطعها عن الاسترسال صوت أخيها _حسنى_ من نهاية الباحة مناديا باسمها بنبرة مرتفعة حتى تسمعها
_ زينة يا زينة
_ امسكى البصل يا نجاة شكل النتيجة جات
قالتها و هى تخرج من المطبخ بخطوات متحمسة حتى وصلت إلى مدخل منزلها الكبير

انت في الصفحة 1 من 42 صفحات